مغاربة المهجر .. بين الحنين إلى الوطن والبحث عن مستقبل أفضل
السبت 13 أكتوبر 2012 - 11:15
ما يزيد على خمسة ملايين مغربي، يقيمون خارج
المغرب. ما هي الأسباب التي دفعت بهذه الملايين من المغاربة إلى الهجرة؟
وكيف ينظرون إلى المغرب من بلدان الغربة؟ وما هي المشاكل التي يعانون منها؟
وهل يفكرون في العودة يوما إلى الوطن؟ أسئلة يجيب عنها عدد من مغاربة
المهجر في هذا الاستطلاع...البحث عن الكرامة، وعن مستقبل أفضل
السبب الأول للهجرة، بالنسبة لجلّ المهاجرين المغاربة الذين استطلعت هسبريس آراءهم، يعود بالدرجة الأولى، إلى البحث عن الكرامة، وعن حياة كريمة ومستقبل أفضل. عبد الرحمان، مهاجر مغربي مقيم في كندا، يقول بأن سبب هجرته للمغرب يعود لكون صاحب الشركة التي كان يشتغل بها في المغرب يستغله هو وآلاف المستخدمين، بمقابل مادي زهيد. "كنت مديرا في شركة للنسيج، وكانت لديّ مسؤولية كبيرة، لكنني لم أكن أحصل سوى على 2500 درهم في الشهر. مدير الشركة كان يربح الملايير، ويستغلني أنا، وآلاف المستخدمين المغاربة بأبخس الأثمان، بلا تغطية صحية ولا تأمين، بعد ذلك اجتزت مباراة لولوج سلك الشرطة، "وما جابش الله"، ومن ثم بدأت فكرة الهجرة". يقول عبد الرحيم.
وإضافة إلى البحث عن مستقبل أفضل، ثمة أسباب أخرى، تدفع بالمغاربة إلى الهجرة، مثل انعدام الديمقراطية والحرية والمساواة. و"عدم الاقتناع بالحكم السائد في البلاد، حيث الظلم وانعدام الديمقراطية"، حسب رأي رشيد، المقيم في فرنسا، أما كمال، المقيم في الدانمارك، فهناك أسباب أخرى، إضافة إلى البحث عن حياة كريمة، "منها عدم ارتياحي للعيش وسط المجتمع المغربي المتخلف، والذي لم يتحضّر بعد كباقي المجتمعات، إضافة لانعدام الحرية في المغرب وانعدام الديمقراطية أيضا، كما أنني معجب بالتفكير العقلاني والسلوك الحضاري للغرب". يشرح كمال.
لسنا نادمين على قرار الهجرة
هل ندمتَ على اتخاذك لقرار الهجرة؟ أغلب الإجابات التي استقتها "هسبريس" تصبّ في اتجاه جواب واحد: لا، لست نادما. "قطعا، لو خيّر لي أن أعود إلى اللحظة الأولى لما اتخذت قرارا غيره، علما أن هذا هو ما اختاره الله لي، وهذا مساري في الحياة ولا أملك أن أتصرف خارج إرادتي الخاضعة لمشيئة الله". يردّ ياسين، المقيم في بلجيكا، أما عبد الرحمان فيجيب على نفس السؤال قائلا: "بدون تردد أستطيع أن أقول بأن قرار الهجرة كان قرارا صائبا، نظرا للظروف التي كنت أعيش فيها، من استغلال وحكرة"، فيما يذهب كمال أبعد من ذلك، ويقول بأن الشيء الذي ندم عليه هو أنه لم يهاجر في وقت مبكر، مضيفا: "لست نادما أبدا على الهجرة، بل ندمت كثيرا لأني تأخرت في الهجرة، ولدي أصدقاء الدراسة في المغرب همّهم الوحيد، سواء الذين يشتغلون أو الذين لا يشتغلون، هو الهجرة، يقولون لي بأنني محظوظ لأن الأمور في المغرب تسير نحو الأسوأ".
مطالب مفقودة في الوطن
وإذا كان أغلب هؤلاء المهاجرين الذين تحدثوا إلى "هسبريس" غير نادمين على قرار الهجرة، فثمّة أشياء لو توفرت لهم في المغرب ما كانوا ليهاجروا أبدا، "من بين الأشياء التي أرغمتني على الهجرة، غياب الديمقراطية، والمساواة في الحصول على الشغل، وتطبيق القانون على الجميع، وتوفير تعليم في المستوى، ورعاية صحية، وعمل براتب جيد يضمن لي ولأبنائي العيش الكريم". حسب رأي محمد، المقيم في مدينة موريال بكندا. فيما يلخص عبد الرحمان المطالب التي لم تتوفر له في المغرب في كونه كان يرى آفاق المستقبل مغلقة، ويوضح قائلا: "لو كان هناك أمل في تحسن الوضع في المستقبل لما هاجرت".
أما رشيد فيلخص المطالب التي كان يفتقدها عندما كان مقيما في المغرب، في تفشي البطالة، وانعدام التغطية الصحية، مضييفا: "هنا في فرنسا، أعيش في وضعية غير قانونية، ورغم ذلك لدي الحق في التطبيب وشراء الدواء مجانا، هذه أشياء نفتقدها في وطننا الأم". غير أن البحث عن مستقبل أفضل ليس وحده الذي يدفع عددا من المغاربة نحو الهجرة، ومن بينهم كمال، الأخير يقول بأنه "حتى لو توفرت لي الظروف المادية سأقوم بالهجرة لأني أريد العيش في دولة ديمقراطية، وفي ظل الحرية، والعيش مع شعب متحضر وليس في مجتمع منافق كالمجتمع المغربي". إنها قمّة السخط على الوطن!
نظرة إلى الوطن من بلاد الغربة
مغاربة المهجر يتابعون أخبار الوطن، ولا بدّ أن لكل واحد منهم نظرة خاصة به، تختلف بلا شك عن النظرة التي كان ينظر بها إلى الوطن قبل الهجرة. سعيدة، المقيمة في دولة الرأس الأخضر بإفريقيا، تنظر إلى المغرب "نظرة حسرة وألم"، "لأنني أتوق إليه وإلى العيش بين أحضانه ووسط أهلي، وأرى أن بلدي أحق بي وبالاستفادة من طاقتي وأفكاري، لكن للأسف.. أنا أرى أن بلدي أفضل وحاله جيد، ولولا عديمو الضمير لما هاجرت". أما امحمد، فيقول في شهادة مؤثرة، بأنه في كندا، حيث يعيش، كل شيء منظم، "هنا، يقول امحمد، لا وجود للرشوة في الإدارات، عندما تدخل إلى أي إدارة يتعاملون معك باحترام، الناس هنا خدومون، لا فرق بين الأغنياء والفقراء. أقسم أنني في بعض الأحيان أشعر بالبكاء على حال المغرب" يختم امحمد. من جهته يقول كمال بأنه يتابع دوما أخبار المغرب من الدنمارك، "غير أنني لا أقرأ إلا أخبارا مخجلة وسيئة، مثل الاعتقالات التعسفية و المحاكمات الصورية ودعارة بناتنا وشعب لا يريد التحرك مثل باقي جيرانه في المنطقة من أجل ديمقراطية حقيقية". يقول كمال، أما عبد الرحمان، فيرى أن المغرب حاليا، يوجد في "مفترق الطرق"، ومفتوح على كل الاحتمالات. "الإصلاح يسير بخطوات السلحفاة، والمسؤولون ليست لهم القدرة على مواجهة المشاكل بحلول فعلية، خوفا من المجهول، والإصلاح يتطلب إرادة أكثر من تلك التي نراها اليوم عند حكومة ابن كيران". يشرح عبد الرحمان. ضاعفْ من جهودك إذن، أسّي ابن كيران!
مشاكل الهجرة والمهاجرين
مشاكل مغاربة المهجر، حسب التصريحات التي استقتها "هسبريس"، تتركز أساسا، في عدم تسوية الوضعية القانونية لكثير من المهاجرين، "ما يجعلهم عرضة للاستغلال من طرف أرباب العمل، حيث يشتغلون لأكثر من 14 ساعة في اليوم، مقابل أوروهات معدودات". يوضّح رشيد. في المقابل، تتطرق خديجة، إلى مشاكل من نوع خاص، تعيشها الجالية المغربية المقيمة في دول الخليج، وتتجلى هذه المشاكل، حسب رأي خديجة، في السمعة السيئة لبعض المغربيات، مطالبة بضرورة وضع حد لتصدير العاهرات إلى البلدان الخليجية، حرصا على سمعة المغرب والمغاربة، ومشكل الكفيل، "إضافة إلى أن السفارة المغربية، حسب قول خديجة دائما، لا تهتم بمشاكل المغاربة ولا تساعدهم ولا تؤطرهم ولا تدافع عنهم". لكن المشكل الأكبر، برأي امحمد، هو أن المسؤولين المغاربة لا يهتمون بمشاكل الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويوضح قائلا: "ما عندناش شكون الي يسمع لينا هنا إيلا عندنا شي مشكل، خصوصا وأن المشاكل التي يعاني منها الجيل الأول من المهاجرين صعيبة شوية". الهضرة عليك أسي اليزمي!
"سنرجع يوما... مهما يطول الزمان..."
سعيدة، خديجة، امحمد ورشيد، جميعهم ينوون العودة يوما إلى الوطن. هل تفكرين في العودة إلى المغرب؟ "كما كان الخروج منه حلما، أصبحت العودة إليه أيضا حلما ألحّ عليه وأدعو الله أن يوفقني إليه". تردّ سعيدة على سؤال "هسبريس"، وفي نفس السياق يذهب جواب خديجة، المقيمة في ألمانيا، والتي تقول: "طبعا أنوي، وبشدة، العودة عندما يحصل زوجي على التقاعد، إن شاء الله سنرجع إلى المغرب للعيش فيه معا". امحمد يشاطر رأي سعيدة وخديجة، ويقول جوابا على نفس السؤال: "نعم، أريد العودة إلى بلدي، لأنني أشعر بأنني بعيد عن عائلتي وأصدقائي، وأنا مشتاق للمغرب". ومقابل هؤلاء المهاجرين الراغبين في العودة إلى الوطن في يوم من الأيام، ثمة مغاربة آخرون مقيمون في المهجر، ولا يفكرون في العودة مطلقا، أو على الأقل في الوقت الراهن، كما هو حال عبد الرحمان. هذا الأخير يقول بأنه لا يفكر في الوقت الراهن في العودة إلى المغرب، "لأن لديّ مشروع حياة في كندا، دون أن ينقص ذلك من محبتي لبلدي". يشرح عبد الرحمان موقفه من العودة، أما ياسين، فلا يفكر في العودة مطلقا. "لا أنوي العودة أبدا.. والسبب بسيط، وهو أن حتى المهاجرين الأوائل الذين كانوا يفكرون في العودة وجدوا أنفسهم مقيدين بمصير أبنائهم.. ذلك أن الأبناء الذين يدرسون هنا ويندمجون في الأوطان التي يعيشون فيها يصعب جدا أن يتأقلموا مع الحياة في المغرب، إنهم مثل السمكة التي تخرجها من الماء وتحاول أن ترغمها على العيش في اليابسة..
وبين المغرب والمهجر فرق كبير في كل المجالات وعلى كل المستويات". نفس فكرة ياسين، يتقاسمها معه كمال، الأخير، وحسب جوابه عن سؤال هسبريس حول إمكانية عودته إلى المغرب، أجاب بأنه لا ينوي العودة إلا لقضاء العطلة ورؤية العائلة والأصدقاء، "لأن هدفي هنا، في الدانمارك، هو الحصول على جنسية البلد، الذي سأعيش فيه للأبد، لأنه لا أمل في المغرب ما دام أنه، حسب رأيي، يتراجع إلى الوراء في جميع المجالات". يقول كمال. كونْ كانوا كاع المهاجرين بحالو ستتوقف عملية "مرحبا"!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق