وتعيش اسبانيا ومنذ أربع سنوات أزمة اقتصادية خانقة تتجلى في ارتفاع المديونية الداخلية وتراجع الإنتاج القومي للبلاد وغياب نمو اقتصادي وارتفاع البطالة الى مستويات مقلقة للغاية 26'، الأعلى من نوعها في مجموع دول الغرب عموما. ويشكل المهاجرون عموما الشريحة الأكثر تعرضا للانعكاسات السلبية للاقتصاد في دول الاستقبال أو المهجر بل وأحيانا يكونون المشجب الذي تعلق عليه جميع المشاكل مثل ترديد أسطوانة 'المهاجرون يحتلون مناصب الشغل'.
في هذا الصدد، تكشف معطيات الواقع الخاصة بالهجرة المغربية في اسبانيا ارتفاع البطالة في صفوف المغاربة. إذ شهدت القطاعات الرئيسية التي تنشط فيها اليد العاملة تراجعا مهولا وهي البناء والتجارة والزراعة. فعملية البناء شبه متوقفة في اسبانيا بسبب وجود أكثر من مليون شقة لم يتم بيعها بل تؤكد الدولة الإسبانية أن كل أجنبي يشتري عقارا بقيمة 160 ألف يورو سيتم منحه بطاقة الإقامة.
وانتقل الإسبان الى العمل في الزراعة بكثافة الأمر الذي حكم على جزء من المغاربة بالبطالة. وفي الوقت ذاته، تراجع النشاط التجاري وأغلق الكثير من المغاربة متاجرهم. وخلف قطاع البناء وحد خلال الثلاث سنوات الأخيرة أكثر من 80 ألف مغربي عاطل. ورغم غياب أرقام محددة، فنسبة البطالة في صفوف المغاربة تتعدى 40 '، وبدأ الكثير منهم يفقد بطاقة الإقامة لصعوبة تقديم عقد عمل الذي يعتبر شرطا لتجديد البطاقة المذكورة. ومن ضمن المظاهر المأساوية التي سجلتها سنة 2012 فقدان نسبة هامة من المغاربة لعقارات اقتنوها بسبب عجزهم عن تأدية الأقساط الشهرية للأبناك.
وأمام كل التطورات التي سجلتها سنة 2012 في مجال الهجرة المغربية في اسبانيا، يمكن اعتبار هذه السنة المنعطف الحقيقي لنهاية 'الحلم الأوروبي' بصفة نهائيا. فإذا كانت سنوات 2009 الى 2011 سجلت تراجع الهجرة السرية وخاصة الشق المتعلق بما يصطلح عليه قوارب الموت، فسنة 2012 بدأت تسجل ظاهرة جديدة وتتجلى في هجرة مغربية مضادة.
في هذا الصدد، غادر الآلاف من المغاربة اسبانيا نحو المغرب خلال هذه النسة بحثا عن فرص عمل في وطنهم أو استثمار ما جمعوه من أموال بعدما لم تعد اسبانيا توفر لهم الفرص الاقتصادية. وهذه الظاهرة مرشحة للارتفاع بشكل ملفت خلال السنة الجديدة.
وبدأ تسجيل ظاهرة جديدة وبقوة وتتجلى في بدء توجه مغاربة اسبانيا نحو دول شمال أوروبا في هجرة جديدة خاصة الذين يحملون الجنسية أو بطاقة الإقامة الدائمة مستفدين من عدم تأثر هذه الدول بالأزمة الاقتصادية.
ومن ضمن الدول التي يقصدها المغاربة بلجيكا وهولندا والسويد. وهكذا، فسنة 2012، تسجل نهاية الهجرة المغربية نحو اسبانيا بشكل نهائي وبداية مغادرة المغاربة لهذا البلد الأوروبي. ويبقى الفارق أن نسبة من المغاربة وصولا الى اسبانيا مغامرين بحياتهم في قوارب الموت، والآن يعودون لبلدهم بشكل قانوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق