جامعة "الأخوين"... أيقونة التعليم العالي المغربي
الجمعة 21 يونيو 2013 - 09:00
وسط الطبيعة الخلابة لمدينة إفران، تقع جامعة "الأخوين". الكثيرون ينظرون إلى الجامعة باعتبارها جامعة نخبوية، لا تنفتح أبوابها سوى لأبناء الأثرياء، أو من ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب.في المقابل يقول مسؤولو الجامعة إنّ هذه النظرة خاطئة، وأنّ الجامعة هي جامعة عمومية، مفتوحة في وجه الجميع، وأنّ مصاريف الدراسة التي يدفعها طلبتها لا تغطّي سوى نصف النفقات التي تنفقها الجامعة على الطلبة الذين يدرسون وفْق نظام تعليمي أمريكي.
حُلْم الحسن الثاني
إلى حدود سنة 1992، كان النظام السائد في المغرب مستمدّا من النظام التعليمي الفرنسي. في نفس السنة، سيوضع الحجر الأساس لبناء جامعة تعتمد النظام التعليمي الأنكلوساكسوني. بعد ثلاث سنوات من الأشغال، سيدشّن الملك الراحل، الحسن الثاني، رفقة العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، هذه الجامعة، التي اختير لها اسم "جامعة الأخوين".
"الأخوين"، هُما الملك الراحل الحسن الثاني، والعاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، وجاءت التسمية لأنّ الميزانية التي بُنيت بها الجامعة، كانت عبارة عن هِبَة من المملكة العربية السعودية. التقتْ فكرة الحسن الثاني بِهِبة الملك فهد، فخرجت "الأخوين" إلى الوجود.
فكرة تشييد جامعة تعتمد النظام التعليمي الأنكلوسكسوني كانت حُلما راود الحسن الثاني طويلا، لكنّ الحلم ظل عصيّا على التحقّق بسبب عدم توفّر ما يكفي من المال لتشييد جامعة مرموقة بمواصفات عالمية، وكانت الصدفة وحدها التي أخرجت الجامعة إلى الوجود.
القليلون لا يعرفون أنّ المصائب قد تعود أحيانا بالنفع؛ فلولا تفجّر صهريج إحدى السفن السعودية العملاقة وتسرّب أطنان من المحروقات في عُرض المياه الإقليمية المغربية، ما كانت جامعة "الأخوين" لترى النور.
الحكاية بدأت عندما تسرّبت أطنان من المحروقات من صهريج السفينة السعودية على السواحل المغربية؛ لحظتها قدم العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز هِبة إلى المغرب بقيمة 50 مليون دولار أمريكي، من أجل تنظيف سواحل المغرب من البترول الذي لوّث المنطقة التي تفجّر فيها صهريج ناقلة النفط السعودية، لكن، وقبل الشروع في عملية التنظيف، حملت الرياح القوية أطنان البترول المتسربة ودفعتها بعيدا عن السواحل المغربية، وبما أنّ الحسن الثاني لم يرغبْ في أن يُعيد الهِبة إلى صاحبها، فقد قرّر أن يحقق بها الحلم الذي راوده لسنوات، وهكذا ذهب إلى إفران، ووضع الحجر الأساسَ لبناء جامعة "الأخوين"، ذات النظام التعليمي الأنكلوسكسوني.
صرامة في المراقبة
جامعة "الأخوين" من خلال فضائها الذي تغلب عليه المساحات الخضراء المكسوّة بالأشجار ومختلف مرافقها، لا تختلف عن الجامعات الغربية. هنا، وعلى عكس باقي الجامعات المغربية، لا يمكن لأحد أن يلج باب الجامعة الوحيد إلا إذا كان واحدا من طلبتها أوْ أساتذتها أو إدارييها أو التقنيين العاملين بها.
البوّابة يخترقها حاجز يعترض السيارات الداخلة إلى الجامعة ولا يُرفع في وجهها إلاّ بعد التأكّد من هوّية أصحابها من طرف حُرّاس الأمن الخاص بالجامعة. الصرامة في مراقبة الدخول والخروج يتمّ التعامل بها مع طلبة الجامعة أيضا. إذا تأخّر أي طالب عن الدخول قبل الساعة الثانية عشر ليلا، يكون عليه أن يستعدّ للمثول أمام المجلس التأديبي صباح اليوم الموالي، كما يُمنع منعا كلّيا على الطلبة الذكور أن يلجوا مقرّ إقامة الطالبات، والعكس صحيح.
أوّل ما يلفت الانتباه بهد تجاوز حاجز المراقبة، هو جماليّة الفضاء ونظافته المفرطة. يستحيل أنْ يقع بصرك في المكان على عقاب سيجارة أو ما شابه، سواء على المساحات الخضراء أو الطرقات أو في باقي الفضاءات، بما في ذلك الفضاء المحيط بالمطعم، إذ يستحيل أن ترى غطاء علبة ياغورت أو بسكويت مثلا مرميا على الأرض، أو مجرّد عود لتنظيف الأسنان، والسبب هو أنّ هناك حرّاسا داخل الجامعة، مهمّتهم الوحيدة هي مراقبة مدى محافظة الطلبة على نظافة فضاء الجامعة، إذا تجرّأ طالب ورمى مُجرّد عقب سيجارة على الأرض يؤدّي على الفور غرامة بقيمة 100 درهم. هُنا يُمنع حتى إدخال قنينات الماء إلى المكتبة، حفاظا على الكتب التي تصل أثمنة بعضها إلى 3000 درهم.
نفس النظافة تتوفّر داخل المطعم، الذي يوفّر وجبات الطعام للطلبة، ويؤّدون ثمن الوجبات عن طريق بطائق خاصّة تتمّ تعبئتها بثلاثة آلاف درهم كأدنى مبلغ مالي. إقامة الطلبة المحفوفة بالشجار أيضا نظيفة، داخل الغرف الموزّعة بين غرف مشتركة بسريرين وغرف انفرادية و "استديوهات"، تتوفّر على أسرّة مكسوّة بأغطية زرقاء وبيضاء، وصِوانات، إضافة إلى مكاتب للمراجعة، وحمّام.
مؤسّسة مُستقلّة بذاتها
جامعة "الأخوين" هي عبارة عن مدينة صغيرة، توفّر للطلبة كل شيء. "هنا، يمكن للطالب أن يقضي موسمه الدراسي دون أن يضطرّ للخروج إلى المدينة، لأنّ الجامعة توفّر كل شيء للطلبة". يقول حسام، أحد خرّيجي الجامعة الذي يشتغل حاليا بألمانيا، ويقدم دروسا في الجامعة كأستاذ زائر.
فإضافة إلى إقامة الطلبة والمطعم والمقهى والسوق الممتازة، تتوفّر الجامعة على مسجد خاصّ بها، شكله الهندسيّ مُستمدّ من شكل جامع الكتبية بمراكش. المسجد تشرف عليه وزارة الأوقاف، لكنّ إمامه يعتبر موظفا تابعا لجامعة "الأخوين".
الجامعة تتوفّر أيضا على قاعات وملاعب رياضية، إضافة إلى مسبح أولمبي مُغطى بحوْض سباحة دافئ، وهي أوّل جامعة في شمال إفريقيا تضمّ مسبحا أولمبيا. المسبحُ يُعتبر مرفقا من المرافق التي تستمدّ منها الجامعة بعض مداخيلها، هذه الأيام يجري المنتخب السعودي للسباحة المشكّل من عشرين فردا تداريب في المسبح استعدادا لبطولة الأردن، بمبلغ رمزي لا يتعدّى 200 ألف درهم، تشمل الإقامة والتداريب لمدّة 20 يوما، كما تتوفّر على قاعة للعروض الفنية يقارب عدد مقاعدها 900 مقعد.
التقنيون المكلفون بالكهرباء والترصيص والنجارة وعمّال البستنة إضافة إلى الحرّاس، كلهم أيضا تابعون للجامعة ويُقيمون داخل إقامة خاصّة بهم.
نظام تعليمي أمريكي
إنشاء جامعة "الأخوين"، حسب أحد مسؤوليها، جاء من أجل كسْر هيمنة النظام التعليمي الفرنسي على النظام التعليمي المغربي. ويضيف أنّ النظام التعليمي الفرنسي نظام نُخبوي، يمنح الفرصة للنجباء فقط، فيما النظام التعليمي الأمريكي يفتح المجال أمام الجميع من أجل الخلق والابتكار.
خِرّيجة سابقة بالجامعة تشرح الأمر أكثر وتقول إنّ ما يميّز جامعة الأخوين هو أنها تشجّع الطلبة على الابداع، فمهما كانت الأفكار التي يطرحونها بسيطة، يأخذها الأساتذة بعين الاعتبار، ويساعدون الطالب على تنمية مهاراته، وتضيف "عدد من الطلبة كايكونو "مفلّسين" عند الالتحاق بالجامعة، وبفضل النظام التعليمي الأنكلوسكسوني المعتمد داخلها، وظروف الدراسة المريحة، يتحوّلون إلى طلبة نبغاء يشغلون مناصب مرموقة بعدَ التخرّج.
داخل جامعة "الأخوين"، وإن كان الطلبة يتحدثون بخليط من الدارجة والفرنسية، إلا أنّ لغة "موليير"، وعلى عكس باقي الجامعات والمدارس العليا المغربية، لا يمكن أن يعثر لها زائر الجامعة على أثر، سواء على لوائح الاعلانات، أو علامات الارشاد، أو المنشورات التي تعرّف بالجامعة وأنشطتها، أو حتى أثناء الكلمات التي يلقيها مسؤولو الجامعة في المناسبات التي تنظّم داخل الجامعة، مثل حفل التخرّج السنوي.
اللغة الرسمية السائدة داخل مرافق "الأخوين" هي اللغة الانجليزية، التي يتحتّم على الطلبة الراغبين في الدراسة بالجامعة إتقانها، لأنها لغة التدريس المعتمدة، ومن كان لديه ضعف في اللغة الانجليزية عليه أن يتعلّمها داخل الجامعة لمدّة سنة، حتى يكون مؤهّلا لاستيعاب الدروس.
سيادة اللغة الانجليزية داخل جامعة الأخوين لا يعني أنّ باقي اللغات لا تُدرّس بالجامعة. هنا، يتعلم الطلبة عدّة لغات، مثل الألمانية والفرنسية والعربية والأمازيغية أيضا.
الجودة أولا وأخيرا
إذا كان طلبة الجامعات المغربية يتلقّون الدروس داخل المدرّجات التي تكون في الغالب غاصّة عن آخرها، فإنّ جامعة الأخوين لا تلقى فيها الدروس داخل مدرّجات، بل داخل قاعات لا يتجاوز عدد الطلبة بداخلها 18 طالب في أقصى الحالات، وهناك أفواج أخرى لا تضمّ أكثر من خمسة طلبة.
عندما فتحت الجامعة أبوابها سنة 1995، لم يكن عدد طلبتها يتجاوز 250 طالبا، ليصل العدد في السنة الحالية إلى 1883 طالبا وطالبة، يؤطّرهم 140 أستاذا، وبلغ عدد خرّيجي الجامعة منذ إنشائها 3056.
عدد الطلبات الموضوعة حاليا لدى إدارة الجامعة من أجل الالتحاق بها يصل إلى 2000 طلب، وكان بإمكان الجامعة، حسب أحد مسؤوليها أن ترفع من عدد الطلبة كما تشاء، ما دام أنّ طلبات الالتحاق متوفّرة، لكنّ توسيع قاعدة الطلبة، دون توفير شروط ملائمة للدراسة، سيؤدّي إلى ضعف المردودية.
عبد الطيف الجواهري، والي بنك المغرب ورئيس مجلس أمناء جامعة الأخوين قال في الندوة الصحفية الأولى من نوعها التي عقدتها الجامعة مع وسائل الإعلام، بمناسبة حفل التخرّج السادس عشر، إنّ الجامعة وضعت برنامجا استراتيجيا لرفع عدد الطلبة الذين يدرسون بها من 1883 طالبا وطالبا خلال السنة الحالية، إلى 2000 طالب وطالبة مستقبلا، دون التنازل عن جودة التعليم، مضيفا أنّ البرنامج الاستراتيجي الممتدّ إلى سنة 2016، وضع أيضا هدف الوصول بالجامعة إلى احتلال المراتب العشر الأولى من بين الجامعات الفرنكوفونية والأنكلوفونية على الصعيد الافريقي.
بلوغ عدد 2000 طالب وطالبة اقتضى من مسؤولي الجامعة التفكير أولا في بناء إقامة جديدة لإيواء الطلبة الذين سيلتحقون بها مستقبلا، وهي الآن في طور البناء. هنا، شروط الدراسة تبدأ من توفير الاقامة للطلبة أولا.
جامعة عمومية بتمويل مستقلّ
القانون المؤطّر لجامعة "الأخوين" لدى وزارة التعليم العالي، يُصنّفها في خانة التعليم العمومي. هذه النقطة تفرز سؤال: "إذا كانت الجامعة تابعة للتعليم العمومي، فلماذا يؤدّي الطلبة واجبات الدراسة؟".
أحد مسؤولي الجامعة يشرح الأمر على أنّ المصاريف التي تنفقها الجامعة على كل طالب في موسم دراسي واحد يصل إلى 200 ألف درهم، فيما لا يدفع الطلبة سوى 100 ألف درهم، تشمل جميع المصاريف (الإيواء والدراسة)، كما أنّ الجامعة، يضيف المسؤول ذاته لا تستفيد من دعم الدولة، إذ تعتمد في تمويلها على شركائها، إضافة إلى واردات مشاريعها الخاصّة، وواجبات الدراسة التي يؤدّيها الطلبة، والتي لا تغطّي سوى 60 بالمائة من تعويضات الأساتذة لوحدهم، والذين تبتدئ أجورهم من 25 ألف درهم.
هذه السنة، وقعت إدارة الجامعة اتفاقية مع الاتحاد العامّ لمقاولات المغرب؛ الاتفاقية التي وقعها كل من رئيس الجامعة، إدريس أوعويشا، ورئيس مجلس أمنائها عبد اللطيف الجواهري ورئيسة الاتحاد العامّ لمقاولات المغرب مريم بنصالح، التي تشغل رئيسة لجنة التواصل بالمجلس، جاءت في إطار انفتاح الجامعة على المقاولة، وانفتاح المقاولة على الجامعة، من خلال عقد شراكات تهمّ مجال التكوين والبحث العلمي والتنشيط الثقافي الذي يهمّ المنطقة.
بالنسبة للدعم الذي تستفيد منه الجامعة من طرف الدولة، فيدخل في إطار شراكات التكوين، مثلما هو الحال بالنسبة لبرنامج تكوين 10 آلاف مهندس، الذي وضعته الدولة ضمن مخططاتها، وعقدت بشأنها شراكة مع الجامعة. مسؤولو "الأخوين" يقولون إنّ الجامعة لا تحقق أرباحا، بقدر ما تحقق توازنا ماليا، يُسعفها في تغطية مصاريف الطلبة والأساتذة والاداريين والتقنيين، كما أنها تقوم بمشاريع يستفيد منها أبناء مدينة إفران والمناطق الميحطة بها.
من بين هذه المشاريع مشروع أزرو للتنمية الاجتماعية، الذي تمّ أنجازه من طرف الجامعة، بشراكة مع جمعية أصدقاء جامعة الأخوين بالمملكة العربية السعودية وبرنامج فهد للدراسات بالشرق الأوسط بجامعة أركانكاس بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 2002.
المركز يقدم عددا من الخدمات المجانية، تشمل الرعاية الصحيّة، ومحاربة الأمية، وتقديم دروس الدعم للتلاميذ، كما تقدّم التكوين للشباب في مجال الإعلاميات، ويضمّ ايضا ورشة لصناعة الأزياء، ومدرسة لتعليم الحلاقة والتجميل.
الجامعة، وفي إطار أنشطتها الاجتماعية، تسعى إلى خلق ما يسمى بالمدن الذكية (villes intelligentes)، عبر إنشاء فضاءات مزوّدة بشبكة الأنترنت (WIFI)، حيث أقيم أوّل مشروع وسط المدينة، مفتوح في وجه العموم.
مستقبل واعد للخرّيجين
التخصّصات التي تدرّس بالجامعة تنقسم إلى ثلاث تخصّصات تتفرع عنها شعب مختلفة: الهندسة وإدارة الأعمال والعلوم الانسانية، والنظام الدراسي داخل الجامعة مختلف عن النظام المعتمد داخل باقي الجامعات المغربية، إذ ينقسم الموسم إلى نصفين (Semestre 2)، يمتدّ كل واحد لستّة شهور، وتمتدّ مدة الدراسة ما بين أربع وخمس سنوات.
إذا كان عدد الطلبة داخل أقسام "الأخوين" يتراوح ما بين خمسة طلبة وعشرين طالبا في أقصى الحالات، فإنّ عدد الساعات التي يدرس فيها الطلبة خلال الأسبوع لا تتعدى ما بين 15 و 17 ساعة، ويرجع ذلك إلى كون النظام الذي تعتمده الجامعة يعتمد على تشجيع الطلبة على البحث، والاعتماد على النفس عوض التلقين.
الاعتماد على النفس يقتضي من الطلبة الاعتماد على مداركهم العلمية أثناء الامتحانات، هنا، لا مجال للتسامح مع "النقيل"، والبحوث التي ينجزها الطلبة تخضع لمراقبة صارمة، إذ تتوفر الجامعة على نظام معلوماتي يُخوّل لها معرفة ما إن كان البحث منجزا من طرف الطالب أو "نَقَله" من مكان ما.
في حال خرْق الطالب للقواعد المعتمدة داخل الجامعة، وقام بنسخ ولو فقرة من بحثه ونسبها إلى نفسه دون أن يكون صاحبها، فإنّ العقوبة "هي البابْ". يقول مسؤول بالجامعة.
مصاريف الدراسة بـ"الأخوين" بالنسبة للطلبة المستفيدين من الإقامة تصل إلى 100 ألف درهم في كل موسم دراسي، تشمل جميع المصاريف، غير أنّ الطلبة غير القادرين على دفع المبلغ كاملا، يمكنهم الاستفادة من قرض في إطار الشراكة التي تجمع بين الجامعة وإحدى المؤسسات البنكية؛ في هذه الحالة يدفع الطالب 25 بالمائة من المبلغ (25 ألف درهم)، والباقي يدفعه على شكل أقساط. الجامعة تمنحُ أيضا مِنحا بالنسبة للطلبة المعوزين، شريطة أن يكونوا نجباء.
بالنسبة لنظام قبول الطلبة، تعتمد الجامعة على إجراء مقابلات مع المرشّحين، واجتياز امتحان الولوج، أو الاكتفاء بالمقابلة فقط، إذا كان الطالب متفوّقا وحاصلا على معدّل عال في الباكلوريا.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هو ما هو مستقبل خرّيجي جامعة الأخوين، وهل تسعفهم دبلوماتهم في ولوج سوق الشغل أم يلقون نفس المصير الذي يلقاه خرّيجو باقي الجامعات المغربية؟
هذا السؤال تجيب عنه دراسة قامت بها الجامعة، بخصوص مستقبل خرّيجيها، وكشفت عن كون 85 بالمائة من الخرّيجين ولجوا سوق الشغل بعد ستّة أشهر من التخرّج، فيما اختار 11 منهم مواصلة دراساتهم العليا في سلْكيْ الماجستر والدكتوراه، بينما 4 بالمائة فقط يوجدون في طوْر البحث العمل.
حالة خاصّة
الكثيرون يَروْن في جامعة "الأخوين" جامعة نخبوية. مسؤول بالجامعة يقول إنّ الجامعة فعلا هي جامعة نخبوية، لكنّ النخبوية هنا لا تعني المكانة أو الطبقة الاجتماعية التي ينحدر منها الطالب، بل تعني "نخبويته" من الناحية العلمية.
فإلى جانب أبناء الأثرياء، يوجد بالجامعة أيضا طلبة ينتمون إلى أوساط فقيرة. المثال الذي يستحضره مسؤولو الجامعة للتعبير عن كون الجامعة مفتوحة أمام عموم أبناء الشعب اسمه عمر بوم، ولا يتردّدون في إعادة قصّته أكثر من مرة، وبفخر كبير.
قصة عمر، المنحدر من أسرة فقيرة من مدينة طاطا، هو أنّه كان متفوقا في دراسته، وكانت لديه رغبة في ولوج جامعة الأخوين، ومن أجل ذلك اضطرّ للعمل في حمّام شعبي "كسالا"، من أجل جمع مصاريف الدراسة، وثابر إلى أن تخرّج من الجامعة، وصار اليوم أستاذا يدرّس في الجامعات الأمريكية المرموقة.
في الجامعة درس أيضا أفراد من العائلة الملكية، مثل الأمير مولاي إسماعيل، وابن الأميرة للا مريم، أخت الملك محمد السادس، وأخت الأميرة للا سلمى. هل يحظى أفراد العائلة الملكية بمعاملة خاصة؟ "لا، جميع الطلبة سواسية، عندما كان الأمير مولاي إسماعيل يدرس هنا، كان يعيش داخل الحرم الجامعي كجميع الطلبة". يقول مسؤول بالجامعة.
"حضور شخصيات معروفة إلى الجامعة يمنح الطلبة ثقة في النفس"، تقول خرّيجة سابقة بالجامعة، وتضيف أنّ الطالب عندما يجلس إلى جانب أمير موناكو، أو الأمير الوليد بن طلال، وغيرهم من الشخصيات البارزة التي تزور الجامعة، يصير أكثر ثقة في نفسه، وتنكسر بالتالي جميع الحواجز النفسية الداخلية، ويصير بالتالي أكثر انفتاحا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق